ضجيج الحملات الانتخابية- بين الهوامير وطموحات الشهرة

المؤلف: خالد سيف08.29.2025
ضجيج الحملات الانتخابية- بين الهوامير وطموحات الشهرة

بعد أفول عصر المطانيخ والعتاريس، نشأت صفوف وأنماط جديدة من المؤيدين والداعمين؛ بحثنا طويلاً عن تسميات لائقة ومناسبة لهم، ولكن لم نجد مصطلحاً جاهزاً يفي بالغرض؛ لذلك، استلهمنا بعض الأوصاف والنعوت المستخدمة في الحملات الانتخابية الراهنة، وكان الأقرب إلى الواقع بعض كبار المؤثرين الذين يقودون دفة الإعلام الجديد، ويتنقلون ببراعة فائقة في مختلف منصات الاتصال والتواصل، تراهم يترأسون المشهد بوجودهم الطاغي في كل محفل ومنبر، وذلك قبيل فترة الصمت الانتخابي الحاسمة، حيث ينبري كل واحد منهم بكل قوة وشراسة للدفاع عن مرشحه وتلميع صورته أمام الجمهور،

على الرغم من أن الساحة حتى اللحظة لا تشهد سوى بروز شخصية واحدة، ولم يتم فتح باب الترشح رسمياً بعد، واللجان المختصة لا تزال في مرحلة الترقب والانتظار، إلا أن المؤيدين والمناصرين يتنافسون بشراسة في ميادين المعارك الانتخابية المحتدمة، وهم يعلمون تمام العلم أن هناك ترتيبات سرية قد تُحاك وتُعد على نار هادئة، وقد تقضي على جهودهم الحماسية، خصوصاً أن الاستراتيجيات المدروسة والعمل المؤسساتي المتقن لا يتطلبان كل هذه الضجة والصخب، وأن زمن الرئيس المتفرد برأيه والآمر الناهي قد ولى وانقضى. ويدرك المتقدمون جيداً أن أدوارهم ومسؤولياتهم ليست فردية، وأن مهامهم الجسام تتطلب قدراً وافراً من الخبرة الإدارية والكفاءة المهنية، بالإضافة إلى العمل بروح الفريق الواحد المتعاون، ولا تحتمل أبداً العمل خارج الأطر المتعارف عليها. بينما يرى الفريق الذي يعاني من نقص في الكفاءات الإدارية والمهنية أن حاجته إلى التواجد لا تتعدى مجرد الظهور الإعلامي المكثف والتقاط الصور وكسب الشهرة الزائفة، ولا يلتفت إلى حقيقةٍ مفادها أن المال والثروة ليسا شرطاً أساسياً للترشح، بل هما مجرد وسيلة لشراء الأصوات قبيل خوض غمار العملية الانتخابية، وفق نظام قد يكون غير فعال وغير مجدٍ لانتزاع المنصب الرفيع والفوز بتذكرة العبور إلى عالم الأضواء والشهرة من البوابة الكبيرة المشتعلة، التي تعتبر أقصر السبل للوصول إلى عالم النجومية. تلك هي قواعد اللعبة ودهاليزها الخفية، خصوصاً لمن خاض التجربة بنفسه، ثم عاد إلى عالم النسيان بعد ابتعاده عن الساحة، فلا تضع ثقتك المطلقة في أحد، ولا تتبع خطوات الآخرين دون تفكير ملي، واختر لنفسك رأياً مستقلاً يخدم أهداف الكيان ومصالحه العليا، وتخلَّ عن المستغلين والمنفعين والمفلسين والثرثارين والمتسولين، وقيم المواقف بناءً على المكاسب والإنجازات التي تحققت، وتحتاج إلى من يصونها ويحميها انطلاقاً من مبدأ الاستقرار الإداري والفني والبشري، وتفرغ للمطالبة بتكافؤ الفرص وتوحيد الدعم حتى تستقيم المنافسة الشريفة. ناديكم يناديكم ويهتف بأسمائكم، فلا تنسوا تلك العبارة الرائعة التي لطالما رددناها: جمهورك الروح.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة